– النقطة رقم ٦ أهمهم من وجهة نظري –
بدأنا كلامنا في المقالة اللي فاتت “أحسن، أحسن من الأحسن” عن الاستمرارية في حياتنا اليومية، وازاي إن سر النجاح الدائم هو تنفيذ خطوات متكررة بشكل دوري في الاتجاه المضبوط، حتى لو كانت خطوات بسيطة، عدينا على أمثلة من قصص طفولية وأنشطة رياضية وعادات صحية (١).
هناخد موضوع الاستمرارية دلوقتي من منظور تاني وهنشوف ازاي تم تناوله في كتاب العادات الذرية لجيمس كلير. الكتاب ده تم اصداره في ٢٠١٨ ووصل لقائمة الأعلى مبيعاً على موقع أمازون وجريدة النيويورك تايمز عام ٢٠٢١، وتم ترجمته لحوالي ٥٠ لغة (٢). الكتاب ده هز عرش كتاب العادات السبع المشهور جداً لستيفن كوفي لما تفوق عليه في البحث على جوجل في مصر في خلال ال١٢ شهر اللي فاتوا (٣).
*مش هنقدم هنا ملخص كامل للكتاب، لكن هنعرض ٧ نقط أساسيين خاصين بموضوعنا عن الاستمرارية في سلسلة المقالات دي. النقطة رقم ٦ هي أهمهم في وجهة نظري. تحت في المراجع، فيديو فيه ملخص كامل للي حابب يشوفه (٤).
١- مع الاستمرارية هتبقى ٣٧ مرة أحسن
جيمس كلير قدم معادلة قوية وبسيطة في نفس الوقت عن حساب التطور التراكمي اللي ممكن يحصل مع العادات البسيطة. بيقولك أنت لو اتطورت كل يوم بمعدل ١٪ بس عن اليوم اللي قبله، هتلاقي نفسك في أخر السنة أفضل في الحاجة دي ب٣٧ مرة عن لما بدأت من ١٢ شهر.
أنا لو حد أساساً جيه قالي قدامك سنة وتبقى أحسن في الحاجة دي عشر مرات، هحس إنه بيتكلم على حاجة مستحيلة! بس ده عشان أنا بصيت على الهدف الكبير من غير ما اكسره لخطوات صغيرة زي ماهو عمل وحسبها صح.
٢- كمل الطريق، اللي جاي أحلى
طبعاً ١٪ كل يوم دي هتحسسك في الأول بنمو بطئ وإنك بتعمل مجهود كبير ومش بتاخد نفس العائد المتوقع في المقابل، مش التطور المحسوس أوي على المدى القصير. جيمس كلير في الصورة اللي فوق بيوضح إن الخط الأخضر ده هو معدل النمو اللي بعض الناس بتتخيله هيحصل، لكن اللي بيحصل في الحقيقة هو الخط البرتقالي، اللي بتطور ببطء وفجأة يضرب لفوق. الاستمرارية في العادات الصغيرة بتديلك تطور تراكمي مفاجئ مكنتش تتخيله. بكل بساطة عشان كل لما بتزود في التطور بتخلق لنفسك متوسط جديد أفضل.. جيمس بيحذر من إنك تحبط وتفقد الأمل وتقع في اللي بيسميه وادي الاحباط، اللي هو مظلل بالرمادي في الصورة لما متوصلش لنتائج عظيمة على المدى القصير.
مثال بسيط من الرياضة: لو كنت بتشيل حديد على وزن ٢٠ كيلو، وكل شوية تحاول تزود في الوزن، هتلاقي الفترة اللي في الأول دي وإنك تطلع من ٢٠ كيلو ل ٣٠ كيلو دي فقرة تقيلة وصعبة وبطيئة، لكن بعد شوية هتلاقي نفسك بتنط في التطور وبتزيد بأوزان أكبر من قبل كده. بكل بساطة عشان ال١٪ بتاعة ال٣٠ كيلو أكتر من ال١٪ بتاعة ال٢٠ كيلو اللي بدأت بيهم، ومن بعدها ال١٪ بتاعة ال٤٠ كيلو هتبقى ضعف اللي بدأت بيه، ده غير إن التطور هيبقى أكتر من ١٪ كمان عشان بقيت متمكن في الحاجة دي.
٣- الاستمرارية والالتزام أهم من الحماس
جيمس كلير بيقولك ركز على النظام أكتر من تركيزك على الأهداف، هو مش بينكر أهمية وجود أهداف عشان تعرف انت رايح على فين ويبقى عندك معيار لقياس التطور، هو بيأكد بس على أهمية النظام والتزامك بيه عشان تعمل تغيير حقيقي. افتكر إن الكتاب هنا عن الاستمرارية والعادات وتغيير السلوك، مش عن إدارة مشروعات قصيرة الأمد.
مثال من مجال المبيعات؛ الخطب الحماسية وإنك تقول للفريق انتوا أقوى فريق مبيعات في مصر، وانتوا نمبر وان وانتوا ملوك السوق، حلو وجميل لو محتاج حماس ومجهود اضافي عشان تقفل هدف الشهر ده ولا تخلص اتفاقية معينة… لكن ده مش هينفع كل شهر، هتبقى الخُطبة اللي بتقولها دي محفوظة وهتفقد تأثيرها. لازم نظام وخطوات تمشوا عليها عشان يبقى في نجاح طويل الأمد… الحماس ده مطلوب ومهم كبداية وعشان الشرارة اللي في الأول، بس لوحدها مش كفاية.
٤- العادات الذرية تغذي الهوية مش الأهداف اللحظية
من أكتر الحاجات اللي جيمس أكد عليها عشان نجاح العادات الذرية يوصلك لنجاح مستمر، هي التركيز على هويتك الشخصية اللي بتحاول تبنيها. بمعنى تاني ميبقاش التركيز كله على الأهداف قصيرة المدى، زي فرح بنت خالتي ولا السباق بتاع الشهر الجاي ولا فورمة الساحل ولا تقفيلة الشهر ده في التارجت. الأفضل والأبقى ليك هو إنك تكون بتبني العادات دي عشان عايز تبقى شخص صحي، أو تبقى شخص رياضي، أو تبقى شخص معطاء وبتساعد غيرك بمالك أو بعلمك، أو تبقى شخص مُستمع لغيرك بشكل جيد، أو تبقى شخص عابد ومؤمن.
تغيير طريقة التفكير من إن هدفك الأبعد هو إنك تطور تعريفك لنفسك وتخلي العادة اللي بتحاول تنميها دي تبقى جزء من شخصيتك، هو ده اللي هيخليك كل شوية تحقق الأهداف قصيرة المدى وتتميز فيها. وكمان الموضوع ده فيه حماية ليك من الاحباط لو محققتش الهدف قصير المدى اللي انت حاطه…
مثال لو انت عايز تبقى شخص بيمارس الجري كرياضة وأسلوب حياة، مش هيفرق معاك لو دخلت سباق ومحققتش الرقم اللي كان نفسك فيه، هتكمل حياتك عادي وتتمرن وتدخل سباقات تانية وتتحسن وتطور، عشان انت عداء بطبعك، مش مجرد متسابق في سباق معين وهتبطل خلاص بعدها. قيس ده على الدايت والأكل والعبادة والقراءة وكل حاجة عايز تخليها عادة.
٥- الظروف المحيطة أساسية لضمان الاستمرارية
أصعب حاجة بتقابل الناس في تغيير عاداتهم هي المغريات اللي بتبقى موجودة حواليهم وتشدهم في اتجاه عكسي. ساعتها الموضوع بيتحول لضغط كبير جداً عليك وبدل ماتبقى بتحاول تحافظ على العادة دي وتطورها وشايف الفايدة في اللي بتعمله وبتطور فيه، يبقى كل مجهودك ازاي تمنع نفسك من المغريات التانية اللي بتبعدك عن اللي عايز تعمله لنفسك، ساعتها هيبقى المجهود مضاعف وأصعب. هنشوف مجموعة من الأمثلة البسيطة للتبسيط:
– متبقاش عايز تعمل دايت وتسيب مكرونة بالبشاميل ولا حتة تورتة في الثلاجة، انت كده بتصعبها على نفسك اوي. الموضوع نفسه مش سهل، فمتزودهاش وكمان تحط نفسك في ظروف أصعب فيها مغريات انك متكملش طريقك.
-متبقاش عايز تتعود إنك تشرب مياه أكتر في يومك، وانت مش حاطط كوباية مياه ولا ازازة جنبك علطول. كده انت بتزود على نفسك عبء إنك تقوم لحد المطبخ وتجيب مياه وتضعف قدام فكرة إنك قاعد مستريح ولا مركز في الفيلم ولا الماتش ومش عايز تقوم.
متبقاش عايز تبطل سجاير، وتروح نازل واقف مع زمايلك في الشغل في المكان المخصص للتدخين. محبكتش يعني تصعبها على نفسك وتخلي المجهود المطلوب مضاعف، هتلاقي نفسك بتضعف وتبعد عن عادتك اللي عايز تبنيها.
متبقاش عايز تقلل فرجة على تيك توك ولا فيسبوك وتفضل ماسك الموبيل في ايدك، حتى لو بتعمل حاجات تانية زي إنك تكون بتقرا أخبار ولا كتاب ولا حاجة دينية. انت كده برضه بتصعبها على نفسك لإن إيدك هتروح رايحة على التيك توك والفيسبوك وتلاقي الموضوع بيفلت منك، اعمل أنشطة تانية بعيد عن إنك تمسك التليفون.
٦- اربط الأنشطة وافصل الأمكنة
من أهم الحاجات اللي جيمس كلير اتكلم عليها في كتاب العادات الذرية موضوع إنك تربط العادات ببعض أو تخلق منهم سلسلة مترابطة، أو زي ماهو بيقول ترصهم فوق بعض وتعمل منهم كومة. الفكرة هنا في إنك أول ماتبدأ نشاط معين، تلاقي نفسك بشكل تلقائي بتعمل الحاجة اللي بعدها من غير ماتكسر السلسلة دي. ساعتها هتلاقي إنك بتعلي نسبة الاستمرارية في أداء العادات اللي عايز تتطورها دي…
خلي بالك هو هنا بيتكلم إنك تكسر العادات إلى أنشطة صغيرة، ممكن تكون حتى دقيقتين بس، ويكونوا بيسلموا بعض. مثال؛ ١- أول ماصحى الصبح هقفل المنبه واسيب التليفون بعيد. ٢- هفتح الشباك وادخل الهوا والنور. ٣- هروح المطبخ واشرب مياه. ٤- هفتح كتاب واقرا صفحتين وأنا قاعد على الكرسي. ٥- هروح على الكنبة واقرا الجرايد لمدة دقيقتين. ٦- هروح قدام التليفزيون واشغل تمرينات رياضية خفيفة . ٧- هروح المطبخ واحضر الفطار.
هو الموضوع مش اختراع، انت بتخلق روتين وبتمشي عليه. الفكرة في التزامك بيه هي إنك بتعمل عادات كويسة كتير في النص من غير ماتحس إنك شايل هم، لإنها خلاص جزء من روتين بتحصل بشكل تلقائي. بتعمل سلسلة من الأنشطة مترابطة ببعض…
خلي بالك كمان إنه قسم وفصل الأماكن في البيت وخصص لكل نشاط مكان، عشان تبقى عارف إنه ده مكان الشغل وده مكان الرياضة وده مكان القراية، ساعتها لما تقوم وتتحرك وتحط نفسك في المكان ده، مش هتحس إنك مالكش نفس أو مش عايز تعمل النشاط المعين اللي هنا، عشان بكل بساطة انت هتبقى ربط المكان ده بالنشاط ده ومفيش حاجة تانية بتتعمل هنا غيره.
٧- النفسية محتاجة الاستمرارية
مهم اوي إنك تتابع وتفرح بمجهودك وشغلك على الاستمرارية عشان النفسية تبقى مستريحة وتبقى قادر تكمل. لازم تحس إنك بتنجز حاجة وإن الخطة ماشية تمام، عشان كده هيفيدك جداً إنك تتابع التزامك بالأنشطة والعادات اللي انت عايز تنفذها. وخلي المتابعة بتاعتك تفصيلية، في كل حاجة صغيرة وكبيرة، إحساس انك تعمل صح جنب أي نشاط، حتى لو صغير، يفرق معاك جداً ويحسسك بالتقدم والنجاح ويخليك تبقى عايز تكمل.
عندك طرق كتير للمتابعة، سواء ورقة وقلم وتعمل جدول وتكتب بايدك كل يوم ايه اللي عملته وايه اللي وقع منك. سواء تروح مكتبة كبيرة وتسأل على كُتيب مخصوص لتتبع العادات. ممكن تنزل تطبيقات كتيرة للموضوع ده، هسيب في المراجع تحت لينك لبعضهم (٥). فيه ناس بتفضل تخلي حد من صحابهم يسألهم كل يوم عن النشاط ده وعمله ولا لأ، عشان يتكسف من نفسه لو كل يوم معملوش. أو تلبس نفسك وتكتب على الفيسبوك إنك من انهاردة هتعمل كدا وكذا، ويبقى كأنك قلت كلمة قدام الناس ومش عايز ترجع فيها، فتلتزم أكتر عشان عارف إن كل لما تشوف حد هيسألك.
حاجة أخيرة، حاول متكسرش سلسلة الأنشطة والعادات اللي بدأتهم، التزم بيهم. ولو لأي سبب اتكسرت، ارجع كملها حتى لو بشكل جزئي، إنك تعمل جزء من الأنشطة أفضل من إنك متعملش حاجة خالص. كلنا بيجيلنا وقت وبنبقى مزنوقين ومش ملاحقين، ساعتها قلل وقت الأنشطة، بدل ربع ساعة خليها دقيقتين، وبدل صفحتين من كتاب، خليها صفحة. ده أحسن بكتير من إنك متعملش حاجة خالص.
المصادر والمراجع:
١- مقالة الاستمرارية في حياتنا اليومية من اتعلمت ايه
٢- معلومات عن الجوايز والأرقام اللي حققها كتاب العادات الذرية
٣- مقارنة في معدل مرات البحث على جوجل بين كتاب العادات الذرية وكتاب العادات السبع
٤- فيديو بيلخص الكتاب بشكل كامل
٥- أهم التطبيقات لتتبع العادات