٣ دروس في الشغل من جوزيه مورينيو

نبدأ بتوضيح مهم، رغم إن بطل المقالة دي هو جوزيه مورينيو اللي يعتبر من أشهر مدربين كرة القدم عالمياً، لكن الدروس اللي في المقالة دي مفيدة ليك انت كمان، مهما كانت اهتماماتك أو مجال دراستك أو شغلك. هنشوف مع بعض بالأمثلة ازاي الكلام ده ممكن تستفيد منه في ظروف مختلفة بعيدة عن الكورة خالص، فعلاً دروس للحياة.

قواعد جوزيه مورينيو دي كان قالها في جزء من سلسلة حلقات كانت اتعملت على نتفليكس سنة ٢٠٢٠ اسمها: The Playbook و جايبين فيها ٦ من أشهر المدربين في رياضات مختلفة (١). كنا اتكلمنا على السلسة دي قبل كده في مقالة الدنيا مكسب وخسارة، لما كنا بنوضح قاعدة ال٢٤ ساعة بعد أي فوز أو هزيمة، ودي قاعدة ممكن يتم تطبيقها جوة وبرة الرياضة ومفيدة في الحياة بشكل عام، القاعدة دي كانت أصدرتها مدربة الباسكت الأمريكية: داون ستالي (٢).

مين بقى جوزيه مورينيو ده؟

جوزيه مورينيو هو مدرب كرة قدم برتغالي، نجح مع معظم الأندية اللي دربها، سجله في البطولات عظيم وحقق ٢٦ بطولة رئيسية في دوريات البلاد اللي دربها أو حتى على مستوى أوروبا بشكل عام (٣). تحقيقه البطولات مش هو السبب الوحيد اللي يأهله إنه يبقى The Special One – الشخص المتميز، زي ما هو قال على نفسه. لكن قدرته على تغيير شكل وروح الفرق اللي بيدربها هي اللي تخليه فعلاً قائد عظيم يستحق إننا نتعلم منه… الفرق اللي بيدربها مبتبقاش أندية مليانة نجوم جامدين جداً وهم كده كده هيحققوا البطولات بيه أو من غيره، بالعكس في حالات كتيرة بيمسك فرق بتعاني من الخسارة والروح المعنوية السلبية وبيعمل بيهم تغيير شامل وينجح معاهم.

طب ليه جوزيه مورينيو يقدم دروس في الشغل أو في الحياة؟

لما تسمع اللاعيبة اللي هو كان بيمرنها هتلاقيهم بيقولوا إن جوزيه مورينيو أكتر مدرب صريح واللي في قلبه على لسانه، ولو انت بتعمل اللي عليك هيشكرك، ولو مش مركز في اللعب هيقولك في وشك (٤). مش كل المديرين على فكرة (سواء في الرياضة ولا في الشغل) عندهم الجرأة إنهم يواجهوا أفراد فريقهم بالتقصير، سواء عشان بيخافوا على زعلهم أو بيتقوا شرهم لو هم لاعيبة (أو موظفين) نجوم في أنديتهم (أو شركاتهم).

رغم الشدة اللي كان فيها ومتطلباته الجامدة اوي من الناس في التمرين والماتشات، لكن لاعيبته وضحوا إنه كان بيحس بيهم، ويبقى عارف مين اللي بيدلع ومين اللي ممكن يبقى عنده مشكلة هي اللي مأثرة على أدائه. تاني مش كل اللي المديرين بيحسوا بلاعيبتهم (موظفينهم) وبيبنوا معاهم الجانب الانساني اللي بيعتمد على الثقة، لكن بيتعاملوا مع أرقامهم ونتايجهم زي مايكونوا روبوتات وخلاص.

على فكرة، جوزيه مورينيو من أكثر المدربين (إن لم يكن الأكثر) اللي عليهم جدل في طريقته في التعامل مع الإعلام والحُكام في الملعب، ويمكن ده نتيجة لشخصيته وصراحته وثقته اللي في بعض الأوقات ممكن الناس تكون شايفها بزيادة وعدوانية كمان.

٣ قواعد للحياة من جوزيه مورينيو

١- لو انت مستعد لأسوأ الظروف، يبقى انت مستعد

في النقطة دي كان جوزيه مورينيو بيتكلم عن موقف في بطولة دوري أبطال أوروبا سنة ٢٠٠٤ (ودي بتعتبر أقوى وأهم بطولة كورة بعد كاس العالم). كان هو بيدرب في الوقت ده فريق بورتو البرتغالي وكان فريق متوسط المستوى، في المقابل أقوى فريق وقتها في البطولة كان مانشستر يونايتد الانجليزي… قبل ما القرعة تتعمل لتحديد الفرق اللي هتواجه بعض، جوزيه مورينيو كان خايف على الروح المعنوية لفريقه لو القرعة وقعتهم قدام مانشستر يونايتد، لإنهم هيجيبلهم إحباط كبير وهيحسوا إن مالهمش فرصة في الفوز…

عشان كده قرر قبل القرعة إنه ينشر بين أفراد الفريق روح التحدي وإنهم جاهزين عشان يلاعبوا ويكسبوا أقوى فريق في البطولة وقتها (مانشستر يونايتد)، وكأنهم هم اللي بيتمنوا ونفسهم القرعة تخليهم يلاعبوا مانشستر يونايتد؛ وقد كان. فعلاً القرعة وقعتهم قدام بعض، ونجح بورتو (فريق جوزيه مورينيو ) إنه يكسب مانشستر يونايتد ويتأهل للأدوار اللي بعد كده ويكسب البطولة كمان…

جوزيه مورينيو كان بيقول في اللقاء ده؛ إنه حضر لاعيبته نفسياً لأسوأ الظروف بالنسبة ليهم (وهي إنهم يلاعبوا أقوى فريق في البطولة)، عشان كده خلاهم مستعدين ومركزين بشكل كبير لو ده حصل، ويبقى هم اللي عايزين التحدي ده. ولو كانت القرعة وقعتهم مع حد تاني، كانت هتبقى حاجة أحسن حتى عشان هيبقى الفريق اللي بيلاعبوه أسهل ليهم…تحضير المدير النفسي لأفراد فريقه، وقربه منهم والتعامل مع مخاوفهم بالشكل الإنساني مهم جداً لأي حد بيدير مجموعة (جوة وبرة الكورة).

٢- بعض القوانين يمكن كسرها

في ٢٠٠٥ كان جوزيه مورينيو بيدرب نادي تشيلسي الانجليزي وكان عندهم ماتش مهم قدام بايرن ميونخ الألماني، وبسبب بعض التصريحات الجدلية اللي كان قالها قبل كده، كان متعاقب بإنه يتم استبعاده من الحضور مع الفريق في أرض الملعب أو غرفة تغيير الملابس لتوجيههم في الماتش ده. هو كان حاسس بمسئولية كبيرة تجاه فريقه وحاسس إنهم محتاجينه قريب منهم في الماتش ده ويتكلم معاهم ويحمسهم، بس في نفس الوقت عارف إنه لو خالف قرار العقوبة كان هيبقى بيجازف بمهنته كمدرب أساساً، وممكن يتم استبعاده لفترة طويلة جداً…

بيحكي إنه بعد تفكير عميق قرر إنه يكسر القواعد ويخالف قرار العقوبة ويروح الستاد من بدري جداً ويستخبى جوة غرفة تغيير الملابس، ويسمع الماتش من على الراديو (مكانش لسه فيه ساعتها بث مباشر على يوتيوب زي دلوقتي) ولو لقى إن أداء فريقه مش كويس والنتيجة مش في صالحهم، هيطلع من المخبأ بتاعه بين الشوطين ويتكلم معاهم في غرفة تغيير الملابس ويديلهم التوجيهات اللازمة (وطبعاً ده ضد قرار العقوبة).

اللي حصل بقى إن مسئولين الاتحاد الاوروبي لكرة القدم كانوا عارفين شخصية جوزيه مورينيو وإنه هيحاول يحضر مع الفريق، فقرروا يروحوا غرفة تغيير الملابس في وقت لما الشوط الأول كان بيتلعب ويدوروا عليه هناك. بيحكي إنه مكانش عنده اختيار تاني غير إنه يستخبى منهم جوة العربية اللي بعجل بتاعة الهدوم اللي لسه هتتغسل. أول ما لقى المسئولين من الاتحاد الاوروبي بيقربوا، اتفق مع عامل غرفة الملابس إنه لما ينط جوة العربية دي، يروح العامل قافل عليه العربية دي بقفل عشان محدش يفتحها ويزقه لحد مكان المغسلة عشان يهرب منهم. وقد كان، عرف يهرب منهم ومحدش مسكه وهو بيخالف عقوبة الاستبعاد، ورغم إنه في الاخر معرفش يقابل فريقه بين الشوطين لكن الفريق كسب واتأهله للدور اللي بعده…

كان بيقول في اللقاء: “المفروض مبقاش فخور باللي عملته ده لإني خالفت القانون، لكن بصراحة أنا فخور باللي حصل كقائد للفريق”. القصة دي كانت جديدة عليا تماماً، وخليتني أفكر جامد في دور القائد والتزامه اتجاه فريقه أو زي ما مورينيو بيقول: أسرته. دي مش دعوة عامة لكسر القوانين وتحدي القواعد، لكن يمكن أفراد الفريق في بعض المواقف يستاهلوا منك مخاطرة محسوبة وتطلع برة الطريق الطبيعي عشان تساعدهم أو تطورهم بشكل أفضل.

٣- درب الفريق مش اللاعيبة

المحاور في اللقاء ده كان بيسأل جوزيه مورينيو على طريقته في التعامل مع النجوم الكبار اللي في الفرق اللي دربهم، زي كريستيانو رونالدو أو زلاتان ابراهيموفيتش. كان رده سهل وبسيط جداً، وهو إنه مش هيروح يدربهم على مهارات أساسية ولا هيعلمهم ازاي يشوطوا الكورة، لإن دي حاجات هم متميزين فيها أساساً. لكن تركيزه معاهم كان ازاي يتم توظيفهم لخدمة الفريق بشكل عام، مش خدمة نجوميتهم كأفراد…

كان بيدي مثال في سنة ٢٠١١ لما كان بيدرب ريال مدريد وبسبب اصابات كتيرة في الفريق اضطر في نهائي كاس أسبانيا إنه يغير مكان لعب كريستيانو رونالدو ويبقى مهاجم صريح (مش مركزه أساساً في الوقت ده). وفعلاً ريال مدريد كسب الماتش وكريستيانو اللي جاب الجول.

رغم إني مقتنع إن لازم في بعض المواقف تفكر أفراد فريقك بالأساسيات وتراجعها معاهم وتدربهم عليها، لكن طبعاً الفكرة اللي جوزيه مورينيو بيقولها بإنك تركز على نجاح الفريق بشكل عام واللي يبقى فيه أفضلية للمجموعة ده مهم جداً. مثال بسيط؛ ساعات بيبقى فيه فرد في الفريق متميز جداً في شغله وبيقدم أداء قوي، بس للأسف بيبقى فاكر إن شطارته بتديله الحق إنه ياخد أفضلية ويتنطط ويتعالى على غيره، مهم اوي ساعتها إن المدير يوازن الأمور ويتأكد إن المعاملة فيها مساواة بين الكل، وميبقاش فيه مشاعر سلبية جوة الفريق. طبعاً لازم يكافئ المتميز عن شغله، بس الأهم إنه يحافظ على روح الفريق بشكل عام والعدل في المعاملة بينهم.

الخلاصة:

فن الإدارة والتعامل مع الأفراد مبيتغيرش بتغيير المجال، ممكن تستفيد من أي قائد ناجح زي جوزيه مورينيو حتى لو انت مبتحبش كرة القدم. الدرس الأول هنا هو أهمية تغيير أكبر مخاوف فريقك إلى تحدي ويبقوا جاهزين ليه. الدرس التاني هو إن عشان خاطر التزامك تجاه الفريق وتطويره، ممكن ساعات تكسر القوانين مع وجود حسن النية والمخاطرة المحسوبة. الدرس الثالث هو أهمية التركيز على تدريب الفريق بشكل عام مش نجوم ولا أفراد متميزين، الكل بيشتغل لخدمة الفريق، مش الفريق بيشتغل عشان خاطر نجوم معينين.

المصادر والمراجع:

١- The Playbook من نتفليكس – إصدار سنة ٢٠٢٠
https://www.netflix.com/us/title/81025735?s=i&trkid=0&vlang=en&clip=81274111

٢- مقالة الدنيا مكسب وخسارة – من اتعلمت ايه
https://et3alemteh.com/?p=231

٣- سجل بطولات جوزيه مورينيو
https://talksport.com/football/1441465/jose-mourinho-trophies-major-honours-roma-europa-league-man-united-chelsea/

٤- حوار مع بعض اللاعيبة اللي جوزيه موينيو كان دربهم
https://www.theguardian.com/football/2019/nov/22/jose-mourinho-special-porto-inter-milan-real-madrid-tottenham

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *