فيه ناس شايفة إن جملة ” محدش عارف الخير فين ” دي جملة عايمة وجبر خواطر وضحك على الدقون، مش حاجة ممكن تكون واقعية وبتحصل لينا وحوالينا. هنتكلم انهاردة على أمثلة كتيرة تورينا إن ساعات الحاجات الوحشة اللي بتحصلنا ممكن يبقى ليها تأثير إيجابي في حاجة تانية ولو حتى بعد فترة.
مش غرضي هنا إني أرسملك الحياة بمبي ولو حصلت ليك مشكلة أو لحد قريب منك، تبقى بتتنطط من الفرحة وبتتعامل عادي، المقالة مش عن حل المشاكل. أنا عايز بس أوريك أنا اتعلمت ايه من شوية قصص عيشتها أو تجارب قريت عنها.
عامة الدراسات أثبتت إن الناس بطبيعتها بتبقى ميالة للتفكير في الجانب السلبي لأي موضوع، وتغيير وجهة نظرهم من السلب للإيجاب أصعب من تغييرها من الإيجاب للسلب (١) فخلينا نجرب مع بعض ونشوف الأمثلة الحقيقية دي هتوصلنا لإيه.
خابي لام – ملك تيك توك الصامت
ابتديت بالقصة دي لإنها فعلاً بتجسد الجملة بتاعة محدش عارف الخير فين بشكل قوي جداً. خابي لام ده ياسيدي مواليد سنة ٢٠٠٠ من السنغال أساساً وهاجر مع عيلته لإيطاليا وهو عنده سنة واحدة بس. كان بيعاني من صعوبة في القراية وهو صغير، كان من أسرة أحوالها المادية مش أحسن حاجة واشتغل في حاجات ليها علاقة بالبناء والنظافة. أخر شغلانة ليه كان عامل نظافة في مصنع، وفي وقت الكورونا في ٢٠٢٠ المصنع قرر يتخلى عن بعض العمال، وكان منهم خابي لام (٢).
بعد مابقى من غير شغل، وفي عز أزمة كورونا والاقتصاد وضعه صعب ومش عارف يلاقي شغل، فكر ازاي يستغل الوقت الفاضي اللي عنده ده، والتزام الناس بالقعدة في البيوت عشان الحظر المفروض بسبب الوباء. قرر يبدأ يعمل فيديوهات على تيك توك (موقع تواصل اجتماعي زي فيسبوك بس متخصص في الفيديوهات القصيرة وبيكبر وينتشر عالمياً بشكل كبير).
فيديوهات خابي لام بتمتاز إنها مضحكة جداً، رغم إنه مبيتكلمش فيها كلمة واحدة، وعمل لنفسه حركة تعجب شهيرة بإيديه الاتنين (زي اللي في الصورة فوق). خابي لام وصل إن بقى عنده ١٥٦ مليون متابع لحد دلوقتي على تيك توك (ممكن يكونوا بيزيدوا وانت بتقرا دلوقتي). ثروة خابي لام بتقدر بحوال ١٣ مليون دولار أمريكي من فيديوهاته وشغله وعقود الرعاية اللي بتجيله والإعلانات اللي بيشترك فيها. ده حتى خابي كان موجود في الإعلانات الترويجية الخاصة بكاس العالم اللي كان في قطر (٣).
يمكن خابي لو كان فضل في المصنع شغال عامل نظافة مكانش هيضطر يفكر ويبتكر ويبقى عنده الوقت إنه يعمل الفيديوهات بتاعته ويوصل للي وصله ده، فعلاً محدش عارف الخير فين .
حكمة المزارع الصيني اللي بيقولك محدش عارف الخير فين
زمان كان فيه راجل صيني حكيم بيشتغل مزارع وكان محبوب من جيرانه اللي حواليه (٤). في يوم هرب حصان من الاسطبل اللي عنده، وساعتها الحصان ده كان يعتبر من ثروته ورأس ماله، الجيران راحوا للمزارع يواسوه وبتكلمه معاه قد ايه هم زعلانين إن حاجة وحشة زي دي حصلتله. المزارع رد عليهم؛ إذا دي حاجة حلوة ولا حاجة وحشة، صعب أحدد (بمعنى؛ محدش يعرف الخير فين ).
بعدها بكام يوم الحصان اللي هرب رجع ومعاه حصان تاني. الجيران راحوا باركوا للمزارع وقد ايه دي حاجة حلوة، رد عليهم برضه: حاجة حلوة ولا حاجة وحشة, صعب أحدد… اليوم اللي بعده ابن المزارع كان بيحاول يروض الحصان الجديد، وقع من على الحصان ورجل الولد اتكسرت. الجيران راحوا يطمنوا على الولد وقالوا للمزارع معلش دي حاجة وحشة جداً إنها تحصلكم. برضه المزارع رد عليهم: حاجة حلوة ولا حاجة وحشة صعب أحدد.
بعدها بكام يوم أفراد التجنيد الإجباري التابعين للإمبراطور كانوا بيلفوا على المزارع المختلفة عشان يلموا عساكر للحرب. لما وصلوا عند بيت المزارع الحكيم ده، لقوا ابنه رجله مكسورة وغير ملائم للتجنيد دلوقتي وماراحش معاهم. والجيران راحوا تاني للمزارع يقولوا ليه قد ايه حظ ابنه حلو إن رجله اتكسرت في الوقت ده قبل مايجي رجال الامبراطور وياخدوه قهر على الحرب.
كل حاجة حصلت ليه أو لعيلته كان شايف إنها سبب لحاجة بعد كده. بالنسبة ليه كانت لسه القصة مكملة ومشافش أخرها، كان ماشي بمبدأ محدش عارف الخير فين وكان بيستنى يشوف اللي حصل ده هيوصله لايه، سواء الله حصله ده في ساعتها كان يبان حاجة حلوة ولا وحشة (٥).
تجارب شخصية أثبتت ليا إن محدش عارف الخير فين
أبويا والسجاير والرياضة
كان عندي ست سنين وكنت في تمرين كاراتيه والأهالي كانوا بيبقوا قاعدين برة صالة التمرين يتفرجوا علينا، وفجأة أبويا قعد يكح جامد اوي ووقع من طوله ومكانش قادر ياخد نفسه. الموضوع طلع كبير وبسبب إنه كان بيشرب سجاير كتير احتاج يسافر برة مصر يعمل عملية قلب مفتوح. أكيد في الوقت ده اللي كان بيحصل كان مشكلة ومصدر قلق كبير.
بس بعد الرجوع من السفر والتعافي من العملية، أبويا اتقلب ١٨٠ درجة وبقى رياضي من الدرجة الأولى وميفوتش يوم من غير تمرين. ده حتى كان بيعمل مجهود في التمرين أكتر من شباب أصغر منه ب٢٠ سنة. ده غير إن اهتمامه بالرياضة خلاه يخلق مجتمع رياضي جديد عليه وفرق معاه في ثقته بنفسه وعلاقاته بالناس وحتى في تربيته لينا. وفضل كده حتى لو بنسبة أقل لحد أواخر أيامه، ربنا يرحمه. اتضح في آخر الأمر إن موضوع العملية ده غير حياته وحياتنا للأحسن. وفعلاً محدش عارف الخير فين، يمكن اللي حصل وموضوع العملية ده أنقذه من حياة فيها السجاير كانت هتبقى مكملة بشكل أكتر، وخسارة صحته وعلاقته مع الناس وأسرته كانت هتبقى خسارة أكبر.
*تقريباً موقف التمرين ده هو أكتر حاجة كرهتني في السجاير زي ماكنت كتبت قبل كده في مقالة الاستعداد لرمضان (٤).
الشغل في قطر
من كذا سنة كانت جاتلي فرصة شغل في شركة أغذية في دولة قطر والناس كلموني ونسقنا الدنيا وكان فيه جدية إني أشتغل معاهم. الموضوع كان ماشي تمام لحد ما الدنيا عطلت بسبب الفيزا الخاصة بالشغل هناك اللي اترفضت. في لحظتها طبعاً كنت شايفها حاجة وحشة ومتضايق. معملتش زي المزارع الصيني وقلت محدش عارف دي حاجة حلوة ولا وحشة.
بعدها بشهر واحد بس العلاقات اضطربت اوي بين قطر ومصر ودول تانية في الخليج ووقفوا إصدار تأشيرات سفر ووقفوا حتى حركة الطيران المباشر بينهم. يعني لو كانت جاتلي الفيزا زي ماكنت عايز، كنت هبقى سافرت لوحدي ومكنتش هعرف اطلع تأشيرة سفر لنهى (مراتي) عشان تجيلي هناك.. بالنسبة لينا وجودنا كأسرة مع بعض، أولوية عن فرصة العمل… دلوقتي بقول الحمد الله إن الفيزا اترفضت ساعتها.
تمرين السباحة لأحمد
دي قصة أبسط شوية ولسه حاصلة قريب. أحمد ابني ملوش في السباحة وبنحاول نحببه شوية فيها. بنوديه في أكاديمية جنب البيت وبقاله فترة ثابت مع مدرب معين وشايفين تحسن معقول. في أول الشهر الأكاديمية غيرت المدرب اللي معانا عشان ترتيبات داخلية عندهم، وأنا ساعتها اتعصبت جداً لإن ماصدقت إننا شفنا أحمد راضي ينزل المياه وفيه بوادر إنه يعوم. كنت شايف الموضوع هيرجعنا تاني لنقطة البداية.
اللي حصل بقى إن المدرب الجديد الحمد الله كان كويس جداً وأحمد اتطور في السباحة بشكل كبير في وقت قصير، مقارنة بإنه كان مكانش بيرضى ينزل المياه قبل كده أساساً… كنت محتاج بس استنى واشوف اللي هيحصل لإن محدش عارف الخير فين ، خصوصاً إنها حاجة برة دايرة تحكمي، مش همشي الأكاديمية على مزاجي.
الخلاصة:
على قد ما البني آدم في وسط المشكلة بيبقى شايف الدنيا سواد ومقفلة في وشه، حاول تفتكر إن أنت شخصياً ممكن تكون حصلتلك مواقف أثبتتلك إن المشاكل دي بتبقى سبب في حاجة إيجابية بعد كده. ده غير حتى المواقف اللي حصلتلي واثبتتلي إن محدش عارف الخير فين . عشان كده حاول تفتكر كل ده لما تقابل المشكلة الجاية اللي برة ايديك حلها، أنا مش بدعوا هنا للاستسلام لأي مشكلة ومتحاولش تحلها، بس بطلب منك تحاول تعرف ايه اللي بإيديك تغيره وايه الحاجة اللي برة ايديك ولازم تتقبلها وتحاول تطلع منها بحاجة إيجابية لبعد كده.
المصادر والمراجع:
١- Getting stuck in the negatives
https://youtu.be/7XFLTDQ4JMk
٢- خابي لام – ويكيبيديا
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D9%8A_%D9%84%D8%A7%D9%85
٣- خابي لام – تيك توك
https://www.tiktok.com/@khaby.lame?lang=en
٤- خابي لام – ثروته
https://caknowledge.com/khaby-lame-net-worth/
٥- قصة المزارع الصيني
“The Story of the Chinese Farmer” by Alan Watts
٦- قصص غير منتهية
https://youtu.be/XZiNVGA78kA
٧- الاستعداد لرمضان من اتعلمت ايه
https://et3alemteh.com/?p=555
[…] https://et3alemteh.com/?p=582 […]